السنة الأكثر إنتاجاً كانت العام 2019، حيث قدمت 31 عملاً. أمّا السنة الأقل إنتاجاً فكانت عام 2017 (21 عملاً)، وليس أعوام 2013 – 2014 – 2015 التي اشتدت فيها الأزمة السورية وأخذت بعداً دموياً كبيراً وشهدت صعود التيارات المتطرفة، ما يدلّ على أنّ الدراما السوريّة لم تتقاعس أو تتراجع في أكثر الأوقات حرجاً، رغم أنّ العديد من الأعمال كانت ضعيفة ولم تسوّق جيداً.
ولم تختلف أعداد الإنتاجات بشكل كبير بين 2011 و2019، بحيث كان معدلها سنوياً 25 عملاً. رقم قد لا يكون كبيراً جداً بالنسبة للإنتاجات العربية الأخرى، ولكنه كبير بالنسبة لدولة عانت بشدة من الأزمة.
الأعمال الاجتماعية كانت الأكثر حضوراً، تبعتها الأعمال الكوميدية، أمّا أعمال السيرة الذاتية والرعب فلم تتجاوز العملين فقط.
معطيات منطقية، لأن الدراما السوريّة لطالما ركزت على قصص المجتمع والناس والشارع، ما جعلها دائماً الأقرب والأشبه إلى الجمهور العربي من خلال أعمالها الاجتماعية والكوميدية.
ما تغيّر فعلياً في طبيعة الدراما السورية في السنوات الأخيرة كان 3 معطيات رئيسية:
أولاً، دخلت الأزمة السورية كمضمون وحالة إلى صلب الدراما، فقدمت سوريا 43 عملاً من أصل 234 يتناول الأزمة، بشكل مباشر أو في خلفية الحدث الدرامي.
234 عملاً من إنتاج سوري ومشاركة سوريّة.
في الأعوام الثلاثة الأولى من الحرب غاب الواقع السوري عن الدراما، أمّا مع اشتداد الحرب أي تحديداً في 2014 و2015 قُدمت أكثر الأعمال التي تحاكي الأزمة (7 و10 أعمال على التوالي).
أبرز هذه الأعمال كانت مسلسل "غداً نلتقي" الذي عرض الحالة المزرية للاجئين السوريين في لبنان، ومسلسل "الندم" الذي تناول الحياة في سوريا خلال الحرب على لسان كاتب تلفزيوني. بالإضافة إلى مسلسل "ضبوا الشناتي" الذي عالج الأزمة وشخصية المواطن السوري خلال الحرب من منطلق كوميدي بحت.
ثانياً، لا يمكن نكران أنّ الدراما المشتركة خاصةً مع لبنان ساعدت الدراما السوريّة في تخطي جزء من المعوقات التي وقفت في طريقها. لكن تقديم 31 عملاً مشتركاً فقط من أصل 234 عملاً، لا يعني أنّ الدراما اللبنانية أنقذت نظيرتها السورية كما روّج في السنوات الأخيرة، خاصةً أنّ شركات الإنتاج اللبنانية استفادت من الوجوه السوريّة لتسويق نفسها. بالإضافة إلى أنّ رواج الأعمال المشتركة كان فعلياً خلال 2018 و2019، أي بعد تراجع الحرب في سوريا وليس خلال اشتداد الأزمة.
ثالثاً، تمّ تصوير 43 عملاً من أصل 234 بين عامي 2011 و2019 خارج سوريا، 9 أعمال منها عام 2018 و7 عام 2019، تحديداً في السنوات التي راجت فيها الأعمال المشتركة. بينما خلال اشتداد القصف والاشتباكات في الداخل، لم يتجاوز معدل الأعمال التي تمّ تصويرها في الخارج 5 أعمال، بحيث استمرت شركات الإنتاج السوريّة بالتصوير في العديد من المناطق -خاصة دمشق-رغم خطورة الوضع الأمني.
ويشكل ذلك دليلاً واضحاً على أنّ الوضع الأمني في سوريا لم يكن سبباً أساسياً للتصوير خارجها، بل تزايد التعاون الدرامي بينها وبين لبنان، البلد المجاور الذي صُوّر فيه 31 عملاً من أصل 43 تمّ تصويرهم خارج سوريا.
وبعد استقرار الأوضاع أمنياً، يتنظر الجمهور العربي ليس فقط عدداً كبيراً من الأعمال، بل عودة قوية للدراما السورية الصرفة، ونقلة نوعية على صعيد المضمون والنصوص التي كان العديد منها ضعيفاً في السنوات الأخيرة. أصبح ممكناً الآن معالجة الأزمة السوريّة بعمق أكبر درامياً، وتقديم أعمال كوميديّة لا تُمحى من الذاكرة.